صور للاعداد الجيد للحرب والانتصار في حرب اكتوبر بحث كامل عن حرب أكتوبر 1973
بدأت رحلة تحديد الأيام المناسبة للعبور فى مكتب رئيس هيئة العمليات عندما وقف امامه العقيد صلاح فهمي ضابط التخطيط بهيئة العمليات ليعرض عليه التقرير اليومي وملخص ما تبثه إذاعات العالم عن الموقف الدولي وكل ما يتعلق بمصر وإسرائيل.
ونظر اليه اللواء الجمسي طويلا.. ثم قال له “يا صلاح.. هناك كتيب اعدته المخابرات العامة وطبعته بعنوان (الأعياد والمناسبات اليهودية في إسرائيل) .. هات الكتاب ده وادرسه جيدا..
صور للاعداد الجيد للحرب والانتصار في حرب اكتوبر بحث كامل عن حرب أكتوبر 1973
ولم يكن من الصعب ان يستنتج العقيد صلاح فهمي ان الهدف هو تحديد اليوم المناسب للعبور، وبالعف اصبحت مسئولية تحديد الأيام المناسبة للعبور على عاتق سبعة من الضباط تنحصر اتصالاتهم داخل دائرة مغلقة تماما عليهم وعلى رئيس هيئة العمليات وتتراوح رتبهم بين عقيد ومقدم ويرأسهم عميد يخضع مباشرة لرئاسة اللواء الجمسي.
وكان من الضروري ان يتوفر فى هذه المجموعة هدوء الأعصاب والقدرة على التركيز العميق وتحليل المعلومات والرؤية المستقبلية الواضحة والتعاون الكامل والفكر المشترك الذى يحقق التفاهم الكامل للعمل بروح الفريق.
وكان البحث يقتضي تحديد انسب الشهور ثم انسب الايام فى الشهر الذى يقع علية الاختيار.
وبينما كان العقيد صلاح فهمي يعكف على دراسة الكتيب، كانت هناك دراسات آخرى امام الضباط السبعة الهدف منها البحث عن افضل شهور السنة لاقتحام القناة من حيث المد والجزر وسرعة التيار واتجاهه، وكان من المهم فى اليوم الذى يقع علية الاختيار ان يتميز بطول ليله وان يكون في شهر من الشهور التى لا تتعرض لتقلبات جو شديدة تؤثر على تحرك القوات.
ولاكتمال عنصر المفاجأة امتدت الدراسة الى البحث في العطلات الرسمية في اسرائيل بخلاف يوم العطلة الاسبوعية وهو السبت.
وبدأ شهر أكتوبر يبرز من بين كل الاحتمالات فهو في الثلث الأخير من العام وهو داخل الإطار الذى حدده الرئيس السادات للعبور، وهو من الشهور التى تجري فيها مناورات الخريف المعتادة مما يجعل التحركات العسكرية تتم تحت ستار المنورات والمشروعات التدريبية.
كما ان شهر اكتوبر يحتوى على ثمانية اعياد يحتفل بها الاسرائيين ومنها عيد الغفران المعروف بيوم كيبور، وعيد المظلات، وعيد التوراة، وتطرقت الدراسة الى طرق الاحتفال بكل عيد من هذه الاعياد ومدى تأثيره على اجراءات التعبئة في اسرائيل.
وفي عيد الغفران (يوم كيبور) وهو يوم سبت ستتوقف الاذاعة والتلفزيون فى اسرائيل عن العمل وهو يوم صيام وسكون تام وهذا يعنى استحالة استخدام الاذاعة والتلفزيون فى استدعاء قوات الاحتياط وحتى اذا تم تشغيلها فان احدا لن يستمع اليها لان الناس تعرف ان الاذاعة والتلفزيون لا تبث شيئا فى هذا اليوم مما يضطر القيادة الاسرائيلية الى استخدام وسائل اخرى تستغرق وقتا طويلا حتى يم تعبئة الاحتياط.
وهذا الوقت الطويل هو المطلوب بالنسبة لقوات العبور.
كما ان هذا اليوم يتميز بأن ضوء القمر سيكون ظاهرا فى النصف الأول من الليل لأنه يوم العاشر من الشهر العربي كما ان النصف الثاني سيكون مظلما وهذا يناسب تماما خطة العبور بحيث تنتهي وحدات سلاح المهندسين من انشاء وتركيب الكباري فى ضوء القمر ليستمر تدفق العبور بالأفراد والأسلحة والمعدات تحت جنح الظلام.
كما سيصادف السادس من أكتوبر العاشر من شهر رمضان وهو شهر الصيام مما يساعد على خداع العدو أكثر وأكثر.
كما سينشغل الرأى العام في إسرائيل كثيرا مع بداية اكتوبر في حملات الانتخابات الخاصة ليوم التصويت فى انتخابات الكنيست (البرلمان) والمحدد لها 28 اكتوبر 1973.
وسيكون فرق المنسوب بين المد والجزر فى القناة اقل ما يمكن مما يتيح انسب الظروف لعبور القوارب المطاطية وبناء الكباري.
وبالنسبة للجبهة السورية كان هذا اليوم مناسبا ولا يمكن تأجيله عن بدايات اكتوبر لتجنب موسم البرد الشديد وتساقط الجليد.
وانطلاقا لكل هذه الاسباب بدأ التنسيق مع القيادة السورية لعقد اجتماع مشترك، وبالفعل حضر الى الاسكندرية يوم الثلاثاء 21 اغسطس 1973 اعضاء المجلس الاعلي للقوات المسلحة السورية المكون من اللواء مصطفى طلاس وزير الدفاع، واللواء يوسف شكور رئيس الأركان، واللواء ناجي جميل قائد القوات الجوية، واللواء حكمت الشهابي مدير المخابرات الحربية، واللواء عبد الرازق الدرديري رئيس هيئة العمليات، والعميد فضل حسين قائد القوات الجوية.
وعلى الجانب المصري حضر الإجتماع الذى عقد في سرية تامة بمقر قيادة القوات البحرية بقصر رأس التين، الفريق أول احمد اسماعيل وزير الحربية، الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان، اللواء محمد على فهمي قائد الدفاع الجوي، اللواء حسني مبارك قائد القوات الجوية، اللواء فؤاد ذكري قائد القوات البحرية، اللواء عبد الغني الجمسي رئيس هيئة العمليات، اللواء فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية.
واتفق المجتمعون على ان شن الحرب يجب ان يبدأ قبل نهاية أكتوبر تجنبا لموسم الجليد في سوريا، كما اتفق الجانبان على ان القوات المسلحة فى الجبهتين جاهزة لتنفيذ المهمة المسندة اليها.
لكن اليوم والساعة ظلا موعد جدل..
كان هناك اقتراح سوري ببدء الحرب احد ايام الاسبوع الثاني من سبتمبر بين 7 و11 من ذلك الشهر وكان الاقتراح الثاني يحدد يوم الهجوم ما بين 5 و11 اكتوبر. وكا انسب هذه الأيام بالنسبة للجبهة المصرية هو السادس من أكتوبر.
وتحددت فترة العد التنازلي للهجوم بعشرين يوم تبدأ باليوم (ي – .) اى قبل يوم الهجوم (ي) بعشرين يوم، وكان من رأى الجانب السوري انه يحتاج لخمسة ايام كاملة لتفريغ معامل تكرير البترول فى حمص لانها لو تعرضت للقصف وهي مليئه بالبترول ستشكل كارثة محققة.
وبالنسبة لساعة الصفر (س) اقترح الجانب المصري ان تكون بعد الظهر حيث يكون قرص الشمس قد مال نحو الغرب واصبحت اشعتها خلف المدفعية المصرية وفي مواجهة العدو مباشرة مما يمثل نقطة تفوق للجانب المصري، الا ان الجانب السوري اعترض على ذلك لأن القوات السورية تتجه فى قتالها نحو الجنوب الشرقي ولذلك يفضل الجانب السوري ان تكون ساعة الصفر صباحا مع اول ضوء.
واقترح الجانب المصرى تعديل الخطة لتبدأ القوات السورية هجومها اولا ثم تنطلق القوات المصرية بعد الظهر، واعترض الجانب السوري على ذلك حتى لا يواجه وحدة النشاط الجوي الاسرائيلي لعدة ساعات مع احتمال قيام العدو بهجوم مضاد على الجبهة السورية قبل هجوم الجبهة المصرية، كما ان اختلاف ساعة الصفر (س) سيفقد الخطة ميزة الهجوم المفاجئ في وقت واحد.
ودرس المجتمعون ان تقوم الجبهة المصرية بالهجوم يوم 6 أكتوبر على ان تؤجل الجبهة السورية هجومها الى فجر 7 أكتوبر لكن هذا الاقتراح تم استبعادة لاعتبارات سياسية باعتباره سيجعل الصورة تبدو كأنها حرب مصرية بدأتها مصرية ولحقت بها سوريا فضلا عن فقدان ميزة الهجوم المفاجئ ايضا.
وانتهى الاجتماع الى رفع كل النتائج التى تم التوصل اليها الى القيادة السياسية فى البلدين.
وبالفعل عندما وصل اللواء مصطفى طلاس وزير الدفاع الى دمشق ليجتمع بالرئيس حافظ الأسد كان الرئيس السادات فى اليوم نفسه يتجه ضمن جوله عربية الى دمشق فى زيارة رسمية.
واتفق الرئيسان على استبعاد كل التوقيتات التى تجعل يوم الهجوم (ي) احد ايام سبتمبر واتفقا على ان يبدأ القتال بين يومي 5 و10 أكتوبر مع ترجيح يوم السادس او قبله بيوم واحد، واقترح الرئيس السادات تخفيض فترة العد التنازلي من 20 يوم الى 15 يوم فقط.
وفى نهاية الاجتماع قدم الرئيس السادات تفويضا كاملا للرئيس السادات باعتباره القائد الاعلى للقيادة الموحدة للدولتين (مصر وسوريا) ليقوم بتحديد التوقيتات واطلاق شرارة الهجوم، وعلى ذلك تقرر ان يكون يوم (ي) هو السادس من اكتوبر وان يبدأ العد التنازلي قبله بـ 15 يوما اى يكون (ي – 15) هو الجمعة 21 سبتمبر 1973
صور للاعداد الجيد للحرب والانتصار في حرب اكتوبر بحث كامل عن حرب أكتوبر 1973