كان رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه فوق ما يصفه الواصفون ، فهو راض في الغنى والفقر ، راض في السلم والحرب ، راض وقت القوة والضعف ، راض وقت الصحة والسقم ، راض في الشدة والرخاء .
عاش صلى الله عليه وسلم مرارة اليتم ، وأسى اليتم ، ولوعة اليتم فكان راضيا ، وافتقر صلى الله عليه وسلم حتى ما يجد دقل التمر ، وكان يربط الحجر على بطنه من شدة الجوع ، ويقترض شعيرا من يهودي ويرهن درعه عنده ، وينام على الحصير فيؤثر في جنبه ، وتمر ثلاثة أيام لا يجد شيئا يأكله ، ومع ذلك كان راضيا عن الله رب العالمين :
(تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار و يجعل لك قصورا) ( الفرقان :10 ) .
ورضي عن ربه وقت المجابهة الأولى ، يوم وقف هو في حزب الله ، ووقفت الدنيا – كل الدنيا – تحاربه بخيلها ورجلها ، بغناها وبزخرفها ، بزهوها وبخيلائها ، فكان راضيا عن الله .
رضي عن الله في الفترة الحرجة ، يوم مات عمه وزوجته خديجة ، وأوذي اشد الأذى ، وكذب اشد التكذيب ، وخدشت كرامته ، ورمى في صدقه ، فقيل له : كذاب وساحر ، وكاهن ومجنون وشاعر .
ورضي يوم طرد من بلده ومسقط رأسه التي فيها مراحل صباه وملاعب طفولته و أفانين شبابه ، فيلتفت الى مكه وتسيل دموعه ويقول إنك أحب بلاد الله إلي ولولا أن أهلك أخرجوني منك ماخرجت )
الراوي:عبدالله بن عباس المحدث: ابن عبدالبر - المصدر: التمهيد - الصفحة أو الرقم: 6/33
خلاصة حكم المحدث: من أصح الآثار
ورضي عن الله وهو يذهب الي الطائف ليعرض دعوته فيواجه بأقبح رد وبأسوأ استقبال ويرمى بالحجارة حتى تسيل قدماه فيرضي عن مولاه .
ويرضي عن الله وهو يخرج من مكه مرغما فيسير الي المدينة ويطارد بالخيل وتوضع العراقيل في طريقه اينما ذهب .