المدرسة او الكلية او الجامعة هي البيت الثاني , والحلقة والدائرة الأوسع بعد الأسرة والبيت العائلي .. .الذي ينمو فيه ويتعلم التلميذ و الطالب من خلالها دروس الحياة . إلى جانب دور المدرسة بتعليم ونقل المعلومات والدروس اليومية للطلاب , من حساب وتاريخ وعلوم وجغرافيا وفلسفة وغيرها من مواد دراسية .. , وإلى جانب تنمية المهارات والقدرات الفردية .. وحب الجماعة .. والتأقلم والتكيَف في الظروف والمجتمعات الجديدة المختلفة عن بيئة العائلة .. هناك أيضا بعد القضاء على ( الأمية الأبجدية ) وما يرافقها ونقل المعرفة , تؤدي المدارس دورا هاما في نقل ثقافات المجتمع وتقاليده من جيل إلى جيل اّخر ..
الأطفال زهور المجتمع .. ورجال المستقبل .. هم الكوادرفي بناء صرح الوطن .. والبراعم التي نهيؤها لحديقة الشعب .. جمالاً وحبا وفرحا .. وتقدما ..
ومن واجب المدرسة أيضاً .. دوراً وواجبا هاما تؤديه في التقييم النقدي لهذه الثقافات ... ومساعدة الأطفال في فهم مكانهم في عالم متكافل تتعدد فيه الأديان والمعتقدات .. والاّراء . ويشمل الإعداد الأكثر تخصصا للديمقراطية , فهم دستور البلد , وكيف أدت الأمور والظروف التاريخية إلى وضعه .. ومعرفة عملية بحقوق وواجبات المواطن قبل كل شئ , وتقديرا لحقوق الإنسان وأهميتها وإدخالها كمادة مستقلة في منهاج الدروس .
غير أن التربية الديمقراطية لا تقوم على اكتساب المعرفة فحسب , إنما يجري تعزيزها أيضا من خلال تجربة ( الحوار ) ... بشأن قضايا الساعة الهامة وعرض الاّراء المختلفة بحرية وبالوقائع والحجة... والإستماع إلى اّراء الاّخرين بكل احترام وأخلاقية , والمشاركة في القرارات الجماعية بشأن المسائل التي تمس حياة المدرسة ومجتمعها , وبالتالي أهدافها البعيدة , والقريبة , وعلى المعلم أن يكون القدوة والمثل في ذلك النهج الجديد من تعميق وزرع هذه الروح المفقودة لدينا .. مع الأسف نتيجة الثقافة السائدة والأنظمة المعمرة بالظلم والعبودية .. وقمع الاّخر ؟ على المعلم أن يبني علاقة محترمة و ديمقراطية بينه وبين الطالب إنطلاقا من احترام الإنسان كقيمة إنسانية , والإبتعاد عن التربية التقليدية السيئة الفوقية المنغلقة التي تسحق وتدوس شخصية الفرد أو التلميذ . ثم العلاقة بين المدير والمعلم والكادر التربوي والمدرسي ككل في المشاركة في القرارات والفعاليات والأنظمة المدرسية .. وأخيرا العلاقة والروابط الثقافية والإجتماعية والمبادرات بين المدرسة وأهالي الطلاب بمجالس الأهل وغير ذلك من النشاطات والأمورالعديدة .. والجديدة في عالم المتغيرات ..
وذلك مثلاً . .. جمعيات الصفوف المدرسية , والمجالس المدرسية المنتخبة بحرية – بعيدا عن التعيين كما في بلادنا – مشاركة الطلاب في تنظيف المدرسة والعمل الشعبي الأسبوعي أو الشهري – واجبات وبحوث نقدية وموضوعية – ندوات حفلات وفعاليات وطنية وإجتماعية وثقافية معارض متنوعة , والتعبير عن الهوايات الفردية والجماعية وما إلى ذلك من الثقافة والجريدة المدرسية ( جريدة الحائط ) الحرة ووووو الخ كل تلك الفعاليات تساهم بصورة أولية في تدريب وتعليم الطالب على الأجواء الحرة الديمقراطية وتجعله يدافع عنها بكل الأساليب السلمية الفكرية الأخلاقية لأنها أصبحت كالطعام والشراب والهواء بالنسبة للفرد المتعلم ..
ومن الواضح أن السن المناسبة لاكتساب كل هذه المهارات والتقاليد والمعارف الديمقراطية المختلفة تختلف بحسب حالة كل بلد .. ونمط نظامه التعليمي - والسياسي – رغم أن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان الأساسية هي حقوق طبيعية وكونية - أما في الأنظمة الشمولية وذات الحزب الواحد لاقيمة لحقوق الإنسان ......و الإستمرار في هذا الأسلوب التعسَفي الظالم المنغلق هو خطر كبير تعرَض قاعدته الشعبية إلى تاّكل يهددها ويهدد مستقبل الشعب والوطن ويساهم في تسطيح وزرع الإنتهازية في الثقافة والممارسة اليومية , والمصالح العامة تتدهور أمام تسيَد المصلحة الخاصة ..واستئثارها في القرارات المصيرية للوطن , وخلق جيل يسيطر عليه الخوف بعيداّ عن الواقع المعاش ... ؟؟
وتبقى المدرسة عموماّ حقلا خصباً .. ومجالاَ واسعًا جدا لتعلم الديمقراطية , والبدء في الخطوة الأولى في التغيير والممارسة العملية .. فمن المدارس والجامعات .. ومقاعدها وساحاتها .. يبدأ النضال الفكري السياسي .. التقدمي والديمقراطي والثوري .. تجارب بلادنا , والعالم , تؤكَد وتشير إلى ذلك ..