قال العلامة ابن أبي العز - رحمة الله
اعلم أن القلب له حياة وموت ومرض وشفاء وذالك أعظم مما للبدن .
قال - تعالي - أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون
أي - كان ميتا بالكفر فأحييتاه بالآيمان
فالقلب الصحيح الحي اذا عرض عليه الباطل والقبائح
نفر منه بطبعه وأبغضها ولم يلتفت إليها بخلاف القلب الميت
فانه لا يفرق بين الحسن والقبيح كمال : قال عبد الله ابن مسعود
رضي الله عنه : هلك نت لن يكن له قلب يعرف به المعروف والمنكر
وكذالك القلب المريض بالشهوة فإنه لضعفه يميل الى
ما يعرض له من ذلك . بحسب قوة المرض وضعفه
ومرض القلب نوعان :
مرض شهوة ومرض شبهة
وأردؤها مرض الشبهة وأردأ الشبه ما كان من أمر القدر
وقد يمرض القلب ويشتد مرضه ولا يشعر به صاحبه لاشتغالع وانصرافه
عن معرفه صحته وأسبابها بل قد يموت صاحبه لا يشعر بموته
وعلامة ذالك أنه لا تؤلمه جراحات الضبائح
ولا يوجعه جهله بالحق وعقائد الباطلة
فإن القلب اذا كان فيه حياة تألم بورود القبيح عليه
وتألم بجهلة بالحق بحسب حياته و: ما لجرح بميت أيلام
وقد يشعر بمرضه ولكن يشتد عليه تحمل مرارة الدواء
والصبر عليها فيؤثر بقاء ألمه على مشقة الدواء
فإن دواءه في مخالفة الهوى وذالك أصعب في النفس
وليس له أفنع منه وتارة يوطن نفسه على الصبر
ثم ينفسخ عزمه ولا يستمر معه لضعف علمه بصيرته وصبره
كمن دخل في طريق مخوف مفض الى غاية الآمن وهو يعلم أنه ان صبر عليه انفضى الخوف وأعقبه الآمن
فهو محتاج إلى قوة صبر وقوة يقين ما يصير إليه ومتى ضعف صبره ويقيته رجع من الطريق ولم يحمل مشقاها
ولاسيما إن عدم الرفيق واستوحش من الوحدة وجعل يقول : أين ذهب الناس فلي أسوة بهم !
وهذا حال أكثر الخلق وهي التي أهلكتهم فالصابر الصادق
لا يستوحش من قلة الرفيق ولا من فقده إذا استشعر قلبه مرافقة الرعيل الآول
{الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا }