السؤال: هل صحيح أن الصلاة كانت مفروضة قبل ليلة الإسراء؟وهل كان الرسول يصليها على هيئتها كما نصليها الآن و بنفس عدد الركعات؟ ومتى فرضت الصلاة بالأوقات و الهيئة التي نصليها الآن؟
الجواب:
الحمد لله
روى البخاري (349) ومسلم (162) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه حديث الإسراء المشهور ، وفيه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ مَا أَوْحَى فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَنَزَلْتُ إِلَى مُوسَى صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ ؟ قُلْتُ خَمْسِينَ صَلَاةً . قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ ... قَالَ : فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَبَيْنَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى قَالَ : يَا مُحَمَّدُ إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، لِكُلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً ) .
وقد أجمع العلماء على أن الصلوات الخمس لم تفرض إلا في هذه الليلة . ينظر جواب السؤال رقم ( 143111 ) .
راجع : "فتح الباري" لابن رجب (2 / 104)
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
" فلما كان ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة ونصف ، فرض الله على رسوله صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس ، وفصل شروطها وأركانها وما يتعلق بها بعد ذلك ، شيئا فشيئا " انتهى .
"تفسير ابن كثير" (7 / 164)
قال القرطبي رحمه الله :
ولم يختلفوا في أن جبريل عليه السلام هبط صبيحة ليلة الإسراء عند الزوال فعلم النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة ومواقيتها " انتهى ملخصا .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله :
" بيان جبريل للمواقيت كان صبيحة ليلة الإسراء " انتهى .
"شرح العمدة" (4 / 148)
- وكان أول فرض الصلوات الخمس ركعتان ، ثم بعد الهجرة أقرت في السفر ، وزيدت في الحضر ركعتين ، إلا المغرب فعلى حالها . فروى البخاري (3935) ومسلم (685) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : ( فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا ، وَتُرِكَتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الْأُولَى ) .
- وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يصلون قبل فرض الصلوات الخمس :
جاء في "الموسوعة الفقهية" (27 / 52-53) :
" أَصْل وُجُوبِ الصَّلاَةِ كَانَ فِي مَكَّةَ فِي أَوَّل الإْسْلاَمِ ؛ لِوُجُودِ الآْيَاتِ الْمَكِّيَّةِ الَّتِي نَزَلَتْ فِي بِدَايَةِ الرِّسَالَةِ تَحُثُّ عَلَيْهَا . وَأَمَّا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ بِالصُّورَةِ الْمَعْهُودَةِ فَإِنَّهَا فُرِضَتْ لَيْلَةَ الإْسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ " انتهى .
وينظر جواب السؤال رقم ( 143111 )
- وذهب بعض أهل العلم إلى أن الصلاة كانت مفروضة أول الأمر ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي .
قال الحافظ رحمه الله في الفتح :
" ذَهَبَ جَمَاعَة إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْل الْإِسْرَاء صَلَاة مَفْرُوضَة إِلَّا مَا كَانَ وَقَعَ الْأَمْر بِهِ مِنْ صَلَاة اللَّيْل مِنْ غَيْر تَحْدِيد , وَذَهَبَ الْحَرْبِيُّ إِلَى أَنَّ الصَّلَاة كَانَتْ مَفْرُوضَة رَكْعَتَيْنِ بِالْغَدَاةِ وَرَكْعَتَيْنِ بِالْعَشِيِّ , وَذَكَرَ الشَّافِعِيّ عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم أَنَّ صَلَاة اللَّيْل كَانَتْ مَفْرُوضَة ثُمَّ نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ) فَصَارَ الْفَرْض قِيَام بَعْض اللَّيْل , ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْس " انتهى .
وقال أيضا :ظ
" كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل الْإِسْرَاء يُصَلِّي قَطْعًا , وَكَذَلِكَ أَصْحَابه لَكِنْ اُخْتُلِفَ هَلْ اُفْتُرِضَ قَبْل الْخَمْس شَيْء مِنْ الصَّلَاة أَمْ لَا ؟ فقيل : إِنَّ الْفَرْض أَوَّلًا كَانَ صَلَاة قَبْل طُلُوع الشَّمْس وَصَلَاة قَبْل غُرُوبهَا , وَالْحُجَّة فِيهِ قَوْله تَعَالَى ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّك قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ) وَنَحْوهَا مِنْ الْآيَات " انتهى بتصرف يسير .
وينظر أيضاً : "تفسير ابن عطية" (1/204) ، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (24/75) .
والله تعالى أعلم .