قد يكذب ابنك لتجنب العقوبة، إن كنت تعاقبه على كل صغيرة وكبيرة، وقد يكذب لتحسين صورته عند الآخرين، أو للحفاظ على مشاعرهم، أو للحصول على شيء يرغبه، أو للاستحواذ على إعجاب أقرانه، وعمومًا فبعض الأطفال يكذبون لأسباب بعضها مفهوم، وبعضها غير مفهوم.
فإذا تحول الكذب إلى عادة هنا تبدو المشكلة أكثر خطورة؛ لأنها تُفقد الطفل الذي يكذب الألفة، وتفقده ثقة الآخرين لما يتضمنه الكذب من عدم احترام للشخص المكذوب عليه، لذلك يصبح من الصعب العيش مع شخص دائم الكذب. الكذب يهدي إلى الفجور وقد أوضحت الدراسات الاجتماعية والنفسية أن الأطفال المصابين بداء الكذب المزمن يشاركون في سلوكيات أخرى غير اجتماعية وغير مقبولة مثل: الغش والسرقة والعدوانية، فالأطفال الذين تعوَّدوا الكذب يصادقون أطفالاً غير أمناء. وبمرور الوقت تصبح حالة الكذب جزءًا من شخصية الطفل، فيتصرف الطفل ضد توقعاتنا وآمالنا. وتفيد الأبحاث الآن أن الأطفال الذين يداومون على الكذب يحتمل أن يكونوا منحدرين من بيوت يتكرر فيها كذب الوالدين، وكذلك الأبناء الذين ينتسبون إلى بيوت تقل فيها درجة الإشراف عليهم، حيث يسود التنابذ بين الوالدين، فغالبًا ما يكونون غير أمناء. وفي المقابل يُعد الصدق أصلاً من أصول الأخلاق الإسلامية التي اهتم بها الرسول، أخرج أبو داود عن عبد الله بن عامر قال: دعتني أمي يومًا ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) قاعد، فقالت: تعال أعطك. فقال لها (صلى الله عليه وسلم): «ما أردت أن تعطيه؟»، قلت: أردت أن أعطيه تمرًا، فقال لها (صلى الله عليه وسلم): «أما إنك لو لم تعطه شيئًا كتبت عليك كذبة»، وقال سليمان بن داود لابنه: «يا بني إذا وعدت فلا تخلف فتستبدل بالمودة بغضًا». وعمومًا لا يوجد سبب يبرر أن يكذب الوالدان على أطفالهما، وليس معنى هذا أنه يتحتم إخطار الأطفال بكل شيء، حيث إن هناك أشياء لا يحتاج الأطفال إلى معرفتها، ولكن لا توجد ضرورة للتحايل وعدم الصدق تجاههم. وكذلك عليهما ألا يعاقبا أولادهما عقابًا قاسيًا يلجئهم للكذب حتى ينجوا من العقاب، فعلى الوالدين أن يجعلا أهمية الصدق الموضوع الدائم للتناول داخل البيت، ولضمان أن يصبح الصدق جزءًا من التربية الأخلاقية للأطفال، عليك أن تقرأ قصصًا تركِّز على هذا الخلق، بالإضافة إلى برامج التليفزيون والشرائط المسموعة والفيديو التي تركز على الأمانة والصدق، ومساعدة الأبناء على مواجهة نتائج تصرفاتهم بوضوح ومباشرة، وتشجيعهم على ذلك. وتعريفهم بأن الصدق خُلق أصيل اتصف به الرسول من عهد الطفولة إلى عهد الرسالة، حتى وصفه المشركون بأنه الصادق الأمين، وحتى يقتدي به الطفل المسلم في حياته وسلوكه.