يخطر في بالك شيء تافه فتتصل عليه وقت دوامه ويرد يتقبلك بكل صدر رحب ولاتعلم
ربما مديره وبخه أو زميله ضايقه أو مصاريفكم أثقلته
وتطلبه بكل هدوء : "بابا جيب لي معاك عصير فراولة" . .
ويرد : من عيوني بس خلك رجال ولا تعذب أمك يأتي البيت وقد أُرهق من الدوام والحر والزحمة ونسي طلبك .
فتقول بابا وين العصير ؟
فيتعنى ويخرج ليحضر لك طلبك التافه بكل سعادة متناسيًآ إرهاقه . .
واليوم . . .
لاتلبس حذائه بسبب ذوقه القديم .
تحتقر ملابسه واغراضه وسيارته التي كنت تباهي بها أصحابك لأنها لاتروق لك . كلامه لايلائمك .
حركاته تشعرك بالإشمئزاز ويصيبك الإحراج منه لو قابل أصحابك ! تتأخر فيقلق عليك ويتصل بك فتشعر بأنه يضايقك وقد لا ترد عليه إذا تكرر الإتصال والقلق تعود للبيت متاخراً فيوبخك ليشعرك بالمسؤولية ويستمر في مشوار تربيتك لأنه راع وكل راع مسؤول عن رعيته فترفع صوتك عليه وتضايقه بكلامك وردودك فيسكت ليس خوفآ منك بل صدمةً منك!
بالأمس :
في شبابه يرفعك على كتفه واليوم أنت أطول منه بكثير .
تتأتئ في الكلام وتخطيء في الأحرف واليوم لايسكتك أحد . تناسيت . . مهما ضايقك فهو والدك . .
كما تحملك في طفولتك . . وسفهك وجهلك . . فتحمّله في مرضه و شيخوخته فأحسن إليه . . فغيرك يتمنى رؤيته من جديد .
سألوني أي رجل تحب؟
فقلت : من انتظرني تسعة أشهر
واستقبلني بفرحته ورباني على حساب صحته . .
هو الذي سيبقى أعظم حب بقلبي للأبد . .
عذرآ لجميع الرجال فلا أحد يشبه الأب . .
إلهي من مات والده فاغفر له
وارحمه وأسكنه فسيح جناتك ومن كان والده حيآ فأطل عمره على طاعتك وفرج همه